الخميس، 10 يناير 2013

التبشير بالسعادة الأخروية والجنة:


التبشير بالسعادة الأخروية والجنة:

من الواجب علينا كمبشرين بالمهدي وعيسى عليهما السلام ـ الذين بعدهما مباشرة سترحل كل أمة المومنين للآخرة ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ـ من الواجب علينا أن نبشر بأكبر رجاء للمسلمين وهو نعيم الآخرة المتوج بلقاء الله تعالى :
فما الدنيا إلا وقت بينما الآخرة أبد وخلود : ومهما شقينا في هاته الدنيا فإنما بلاؤنا من الله اختبار وحكمة ..وقد خلق الله المومن ليصبر في الدنيا نحو نعيم الاخرة ..ومهما قست علينا الدنيا فما هي إلا ساعات معدودة ونرحل نحو الحياة الحقة :
الدنيا ساعة إجعلها طاعة والنفس طماعة علمها القناعة
فما مادة الدنيا ونعيمها إلا سراب سيندثر قريبا بقيام القيامة ..ونحو آخرة الخلود يجب أن يسمو في قلوبنا الرجاء :" جنة عرضها السماوات والأرض " فما طولها ؟
وبدايتها قصور من ذهب ولؤلؤ ولباس حرير وأواني وأساور من ذهب وفضة وحور عين حسان قاصرات الطرف ثيبات وأبكار ناهدات
"وإذارأيت ثم رايت نعيما وملكا كبيرا "
فهاته البدايات فأين الجنة التي قال عنها سبحانه " لهم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " إنهم من غرس الله كرامتهم بيده سبحانه ..فالجنة لا يمكن وصفها بل حتى الايات والأحاديث الواصفة للجنان ما هي إلا تقريبية لفهمنا الدنيوي ..بينما لا يعلم الجنة إلا رب الجنة ..فهناك جنة لا يمكن أن توصف في الدنيا ولو بالقرآن الحكيم ...
لكن حتى نقرب القلوب والمشاعر نحو هذا الكرم الرباني لكم هاته الأحاديث القليلة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :"قلنا يارسول الله : مم خلقت الجنة؟ قال : من الماء .قلنا : أخبرنا عن بناء الجنة. قال لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها ـ أي طينها ـ المسك الأذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ومن يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه "..
وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها اقرأوا إن شئتم " وظل ممدود" وفي الجنة ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ..إقرأوا إن شئتم " فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز"
وعن ابن عباس رضي الله عنه " في الجنة حوراء يقال لها لعيبة خلقت من أربعة أشياء : المسك والعنبر والكافور والزعفران وعجن طينها بماء الحيوان فقال لها العزيز كوني فكانت وجميع الحور عشاق لها ولو بزقت في البحر لعذب ماؤه مكتوب على نحرها : من أحب أن تكون لها مثلي فليعمل بطاعة ربي "
وقال مجاهد :" أرض الجنة فضة وترابها مسك وأصول أشجارها فضة وأغصانها لؤلؤ وزبرجد والورق والثمار تحت ذلك فمن أكل جالسا أو قائما أو مضطجعا لم يؤذه ثم قرأ " وذللت قطوفها تذليلا "
وعن أبي هريرة :" والذي نفس محمد بيده إن أهل الجنة ليزدادون جمالا وحسنا كما يزدادون هرما في الدنيا"
وعن أبي هريرة "إذا دخل أهل الجنة الجنة ودخل أهل النار النار نادى مناد: ياأهل الجنة إن لكم موعدا مع الله يريد أن ينجزكموه ..فيقولون ماهو؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة وأخرجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه ..فوالذي نفسي بيده ما أعطاهم شيئا هو أحب من النظر إليه "
وروى أنس ض أن جبريل قال للرسول صلوات الله عليهما :" إن ربك اتخد واديا في الفردوس فيه كثيب من مسك فإذا كان يوم الجمعة حفت بمنابر من نور يجلس عليها النبيون وحفت بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الصديقون والشهداء والصالحون وينزل أهل الغرف فينزلون من ورائهم على ذلك الكثيب فيجتمعون إلى ربهم فيحمدونه ويثنون عليه فيقول الله تعالى لهم : سلوني. فيقولون نسألك الرضا .فيقول : قد رضيت عنكم رضاء أحلكم داري وأنالكم كرامتي .فيتجلى لهم حتى يرونه فليس يوم أحب لهم من الجمعة لما يزيدهم من الكرامة ..وفي رواية : " يقول الله تعالى لملائكته أطعموا أوليائي فيؤتى بألوان الأطعمة .فيجدون لكل لقمة لذة غير ما يجدون للأخرى فإذا فرغوا من الطعام يقول الله تعالى: أسقوا عبادي .فيسقونهم فيجدون لكل نفس لذة بخلاف الآخر.فإذا فرغوا : يقول تعالى: أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فاسألوني أعطكم فيقولون :نسألك رضوانك مرة أو مرتين أو ثلاثا .فيقول قد رضيت عنكم ولدي المزيد. اليوم أكرمكم بكرامة أعظم من ذلك فيكشف الحجاب فينظرون إليه ما شاء الله فيخرون له سجدا ويظلون في السجود ما شاء الله . ثم يقول: ارفعوا رؤوسكم : ليس هذا موضع عبادة فينسون كل نعمة كانوا فيها ويكون النظر إليه تعالى أحب لهم من كل النعم .ثم يرجعون فتهيج ريح من تحت العرش على تل من مسك أ بيض فينثر ذلك على رؤوسهم ونواصي خيولهم فإذا رجعوا إلى أهليهم يرونهم أزواجهم في الحسن والبهاء أفضل مما تركوهن فيقلن لهم : إنكم قد رجعتم على أحسن ما كنتم "
وقال عكرمة ض :" أهل الجنة كأمثال اولاد ثلاث وثلاثين سنة رجالهم ونساؤهم والقامة ستون دراعا على قامة أبيهم آدم عليه السلام شباب جرد مرد مكحلون عليهم سبعون حلة تتلون كل حلة في كل ساعة سبعون لونا فيرى وجهه في وجه زوجته وفي صدرها وفي ساقها وترى هي وجهها في وجهه وصدره وساقه ..لو أطلعت امرأة من أهل الجنة كفها لأضاءت ما بين السماء والأرض "
قال رسول الله ص عن زيد بن الأرقم ض :" ..إن أحدهم ـ أي أهل الجنة ـ ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع ..حاجة أحدهم عرق كريح المسك "
قال رسول الله ص في قوله تعالى " طوبى لهم وحسن مآب " عن متعب بن سمى :
" طوبى شجرة في الجنة ليس في الجنة دارا إلا يظلها غصن من أغصانها فيه ألوان الثمار ويقع عليها طير كأمثال البخت فإذا اشتهى أحدهم طيرا دعاه فوقع في خوانه وأكل من أحد جانبيه قديدا ومن الآخر شواء ثم يعود طيرا فيذهب "
وقال رسول الله ص عن أبي هريرة ض :" أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على صورة أشد نجم في السماء أضاءت ثم هو كذلك لا يبولون ولا يتغوطون ولا يبزقون ولا يمتخطون أمشاطهم الذهب ومجامرهم الألوة أي العود ورشحهم المسك وأخلاقهم على أخلاق رجل واحد على طول أبيهم آدم عليه السلام ستون دراعا "
عن ابن عباس أن رسول الله صلوات الله عليه قال :"إن أهل الجنة شبان جرد مرد ليس عليهم شعر إلا في الرأس والحاجبين وأهذاب العينين على طول آدم ستون دراعا وعلى مولد عيسى عليه السلام ثلاث وثلاثين سنة بيض اللون خضر الثياب يضع احدهم مائة بين يديه فيقبل طير يقولون يا ولي الله أما إني قد شربت من عين السلسبيل ورعيت من رياض الجنة تحت العرش وأكلت من ثمار كذا طعم أحد الجانبين مطبوخ والآخر مشوي فياكل منها ما يشاء ..وعلى الولي سبعون حلة ليس فيها حلة إلا على لون آخر في أصابعهم عشرة خواتيم مكتوب في الأول : سلام عليكم بما صبرتم .وفي الثاني : ادخلوها بسلام آمنين . وفي الثالث :وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون .وفي الرابع : رفعت عنكم الأحزان والهموم . وفي الخامس : ألبسناكم الحلي والحلل . وفي السادس : زوجناكم الحور العين .وفي السابع: ولكم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون .وفي الثامن : رافقتم النبيين والصديقين .وفي التاسع : صرتم شبابا لا تهرمون .وفي العاشر: سكنتم في جوار من لا يؤذي الجيران "
وعن النبي صلوات الله وسلامه عليه: " من يسأل الله ثلاث مرات أن يدخله الجنة قالت الجنة : اللهم ادخله الجنة .ومن استجار ثلاث مرات من النار قالت النار اللهم أجره من النار .
وعن أنس عن النبي صلوات الله عليه : إن في الجنة أسواقا لا شراء فيها ولا بيع يجتمعون فيها حلقا حلقا يتذاكرون كيف كانت الدنيا وكيف كانت عبادة الرب وكيف كان فقراء أهل الدنيا وكيف كان أغنياؤها وكيف كان الموت وكيف صرنا بعد طول البلى إلى الجنة "
وعن ابن مسعود:" يرد الناس جميعا الصراط ..ثم يمرون بأعمالهم فمنهم من يمر مثل البرق ومنهم من يمر مثل الريح ومنهم من يمر مثل الطير ومنهم من يمر كأجود الخيل ومنهم من يمر كأجود الإبل ومنهم من يمر كعدو الرجل حتى أن آخرهم رجل يمر على إبهامي قدميه يتكفأ به الصراط: والصراط حضن مزلة كحد السيف عليه حسك كحسك القتاد على حافتيه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس فمن بين مار ناج ومن بين مخدوش ناج ومن بين مكدوش في النار والنبيون يقولون :" رب سلم رب سلم" ..فيمر رجل وهو آخر أهل الجنة دخولا فإذا جاز الصراط رفع له باب من الجنة فلا يرى له في الجنة مقعدا فإذا نظر إليها قال رب أنزلني هاهنا فيقول الله تعالى : لعلك إن انزلتك هنا تسألني غيره فيقول :لا وعزتك ..فينزله.فيرفع له في الجنة منازل فيتحاقر إليه ما أعطي مما رأى فيقول رب أنزلني هناك فيقول : لعلك إن أنزلتك هنا تسألني غيره .فينزله .ثم يرفع له في الجنة حتى الرابعة فيتحاقر إليه كل شيء أعطي فيسكت فلا يسأل شيئا فيقول الله تعالى : سألت حتى استحييت ..لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها فهذا هو أوضع أهل الجنة منزلا " عن ابن مسعود" كان رسول الله لا يتحدث بهذا إلا ضحك حتى بدت نواجده"
وفي الخبرأن المومنات من نساء الدنيا يفضلن الحور العين بل هن ملكاتهن في الجنة .
ولهذا بعد معرفة هذا الجزاء العظيم من الواجب العمل به واجتناب كل ما يجعلنا نخسره إذ قال الله تعالى :" وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى "
فالطاعة كل الطاعة في اجتناب ما تهواه النفس من ملذات وشهوات ونعيم الدنيا إذ قال الرسول صلوات الله عليه :" حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات "
فطريق الجحيم والعذاب في الآخرة كلها شهوات في الدنيا ..بينما طريق الجنة كلها صبر واحتساب واجتهاد في الطاعة ..فاعملوا للجنة " ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة "
فهناك من يقضي كل حياته مجتهدا جادا متيقظا للعمل لبناء منزل متواضع في الدنيا ..بينما بناء القصور الخالدة تتناسى وذلك والله لقلة الإيمان : وما قوي الإيمان إلا أصبح كل ما قلناه عن الجنة يقيناوأثمر هذا اليقين جدية في طلب الدار الآخرة وذاك هو حق اليقين الذي يجب أن نصدق به لعلنا نراه في الدنيا قبل الآخرة بعين اليقين
فشمر يا طالب الهدى والنور : فلمادة ونعيم الخلود ندرسك.ولرب الخلود نريد منك المحبة: إذيقول سبحانه :" يا بن آدم أنا لك محب فبحقي عليك كن لي محبا " اللهم اجعلنا من أحبابك.آمين. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق