التبشير بلقاء الله : قصر العمر واقتراب الساعة.
إعلم وفقك الله أن الإنسان القديم كان يعيش مئات السنين حتى ان نوحا عليه السلام قضى تسعمائة وخمسين عاما في دعوة قومه ..ورغم ذلك لم يركن للدنيا رغم طول عمره فيها فقال عنها : كأني دخلت من باب وخرجت من آخر .وقد سمع عن أمة محمد ص وقصر أعمارنا فقال :" لو كنت منهم لحفرت قبري وجلست أعبد قربه " فالرسول صلوات الله عليه قال "أعمار أمتي بين الستين والسبعين " ورغم ذلك فالإسلام دين وسط واعتدال وقد أباح لنا كل المتع والنعم الحلال ..لكنه حرم علينا كل شهوات الأنعام والبهائم الحرام ..وبهذا يكسب المسلم العاقل كل الطاقة اللازمة للإجتهاد في العبادة فالرسول صلوات الله عليه يقول : " ساعة وساعة " أي حينما تثقل عليك العبادة فعليك بسويعة للراحة .ويقول صلوات الله عليه :" للنفس إقبال وإدبار فإذا اقبلت فتنفلوا وإذا أدبرت فعليكم بالفريضة"
وبهذا يستطيع المومن ان يوفق بين لوازم دنياه ومستلزمات آخرته دون طغيان : لكن كلما قوي الإيمان زاد يقينه وكلما ازداد يقينا كلما بدت له الدنيا على دناءتها فيزهد في المتع والشهوات واللهو الزائدة ولو كان بعضها حلالا وذاك مقام الورع الذي غالبا ما يتشبت به المومن الصادق بعد الأربعين :وهو يحس أن موته اقترب فيزداد خوفا ورجاء في الرحيم الرحمان وكلما قوي هذان الركنان كلما استبشر بآخرته واستعد لها بالعمل الصالح والتوبة النصوح والتوجه للعبادات بشتى شعبها ..ويظن اللاهون أن العابدين في عناء ومشقة وهم يرونهم مشمرون للمساجد بعيد عن دور لهوهم ودناءتهم ..في حين لو علم اللاهون بما يتمتع به العابد من سكينة وطمأنينة وراحة بال لاجتهدوا أكثر منه " لكن الإنسان عدو ما جهل "
فأنت تبحث على السعادة :
ولا سعادة لك كالتلذد بحلاوة الإيمان ولذة العبادة لحد سكينة الروح وطمأنينة النفس وراحة البدن ورجاحة العقل وطهارة القلب ..بينما سعادة العاصي والكافر إنما هي فرح أحمق بل شقاء في ثوب لذة والله .
فالمومن الحق تكون الدنيا نعيم له قبل الآخرة ..بينما العاصي والكافر فالدنيا جحيمه قبل الآخرة وهو لا يشعر : فشمر يا طالب الهدى والنور على تحقيق سعادتك بالإيمان لا غير : فلا يكون فرحك إلا بالله ورحمته وفضله "فبفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا ذلك خير مما يجمعون" .
ففي ملكك السعادة الدنيوية والأخروية معا :فــ " من فضل الآخرة على الدنيا ربحهما معا ومن فضل الدنيا على الآخرة خسرهما معا"
وبنزين كل هذا هو كثرة ذكرك لله" ألا بذكر الله تطمئن القلوب "
وأي سعادة كطمأنينة القلب وسكينة الروح وحكمة الفكر وطهارة القلب ؟.
فلذلك شمر ..ولا بد من الصبر بداية لتنال نعيم الدنيا والآخرة نهاية.
إذاك يغمرك التفاؤل بمصيرك دنيا وآخرة وتنزاح عنك كل الضبابيات والظلاميات وتكتمل لك النورانية يا طالب النور ..والنور اسم من اسمائه سبحانه وتعالى ..والإيمان نور والقرآن نور والذكر نور والحكمة نور والعمل الصالح كله نور إن أكثرت منهم غمرتك الأنوار بل وكنت نورا .. وذاك منا الرجاء: لتبشر بدورك بهذا النور الذي ستذوق أو ربما قد ذقت ..مشتاقا لربك النور سبحانه وفرحا بلقائه "ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه"
وما الدنيا إلا ثواني ..فالبارحة كنت طفلا واليوم شابا أو رجلا وقريبا ستصير شيخا هرما : فلا تضيع ما تبقى من ثواني فما حياتك إلا ثواني متراكمة تنسيك اقتراب الأجل: فتوجه نحو الخلود لكن دون تنطع وجهد المستطاع:" لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" والله لم يكلفك إلا بما في استطاعتك " والمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى"
فهندس خطواتك وحدد الهدف تصل بعون الله إن استغثت به حقا: فأنت مهدد بجهنم ..لكن وموعود بالجنة ..والزهد في الدنيا والعمل الصالح يزيدك استبشارا بحسن المصير ..والتكالب على المعصية والحلال يرديك دنيا وآخرة ..ولك عقل فزن تتوازن.وإن توازنت استبشرت بلقاء الله وبعمرك القصير بل وبشرت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق